الكاتب عبدالرحمن عكاشة

أين تذهب ؟

لم أكن أعلم حين قابلتها للمرة الأولى أنها ستنحو بحياتي إلى الدرجة التي لا أعي فيها من أنا، إلى الدرجة التي أجلس فيها هائما لساعات أفكر فيها ، حالم فيم لو أنها ملكي.
ويخترق قلبي غلاف الحب للمرة الثانية، ويدور في فضاء العشق الزاخر بالصدامات،  فيقترب نجمي من نجم امرأة حتى يتصدعا في أحضان بعضهما، ولا أقدر أن أقتلع تلك الجرثومة التي تسربت إلى قلبي منها.
ويجن جنوني في كل مرة أحاول فيها النهوض إلى مستقبلي، إلى ما أردت أن أكون عليه، لأجدني دون أن أشعر آخذ نفسي إلى تلك الزهرة المتفتحة في ذاكرتي، وكأني أدمنتها، أدمنت استنشاق عطرها، تقبيلها، أحضانها .
ودعوتها الطفلة الكبيرة، التي تعيش الحياة الأفلاطونية، وإن كانت في الأصل بوهيمية، إنها تقدس الحرية، تقدس الجمال، تقدس الحب، وتجسد الطفولة، وأعجبني ذلك، أعجبتني روحها المرنة، وخيالها الفضفاض، إنها مثالية إلى درجة ما .
وعندما نكون سويا لا أشعر بالوقت وهو يمرّ، لا أشعر بكلماتي وهي تنزلق مني، وكل ما أتمناه حينها أن تتوقف الدقائق حتى أشبع نظري منها، حتى أروي ظمأ روحي إليها، حتى لا أفارقها، لكن هذا لا يحدث فينقضي الوقت.
وأعود إلى غرفتي حاملا معي حقيبة الأمل في لقاء جديد، وأخلو إلى ورقي أئد فيه بنات أفكاري، وأهبه أسراري، أهبه ما تبقى مني لتنبت فيه أحلامي، وكأني أهرب إليه لأبثه شكواي، لأعيش فوقه عالما افتراضيا نسيج وحده.
وحين يجن الليل أصعد إلى سطح بيتنا، وأفرد ظهري عليه محملقا في السماء، وأتذكر كلام شيخي لي يوم كنت في المرحلة الإعداديه، أتذكر سؤاله لي عن مستقبلي، وأجبته أن يدور العالم بين أصابعي أقلبه كيف أشاء، وما كان ظني أن يأتيني العالم في شكل طفلة كبيرة ثم لا أحصل عليها، إنها حقا مآساة .

بقلمي: عبدالرحمن عكاشة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاعر هائل الصرمي

الشاعر احمد خميس عبد الجواد

الشاعر ابو منتظر السماوي